مشاهد من مكة ( 3 )

رغم قصر قامته إلا أن انحناء ظهره بل تقوّسه , قد زاد تلك القامة قصرا ,و ملامح لحيته ذات الشعرات المتباعدة و وسحنته الآسيوية و جسده المثخن بالوهن , و إزاره الذي يخط على الأرض و هيئته الرثّة وجعلا منظره غريبا في صالة ذلك الفندق الأنيق .
جلس ليستريح إلى جانبنا فظن أحد الأصدقاء أنه يتسول فمدّ له نزرا يسيرا إلا أنه أبى و قال أنا حاجّ !.
بعربية مكسّرة ...و لكنه و لدماثة خلقه عندما لاحظ الخجل باديا على محيا صاحبي , أخذ يجاذبه أطراف الحديث .
عرف أنه خطط لرحلة الحج من أكثر من أربعين عاما و لم يكن دخله وفيرا , لكنه آلى على نفسه أن يحج من كده رغم عدد من الفرص التي جاءت له للحج على نفقة آخرين لذا تأخرت هذه الرحلة سنواتا أطول.
و عندما سأله صديقي ألا تجد الحج و الاتيان بالمناسك و ما يتطلبه من مزاحمة شديدة خطر على من هو في مثل سنك ؟
عندها علّق ما هو أكثر ما يخافه الإنسان على نفسه ؟
أوليس.... الموت ......كلّنا سنموت و لكن ّ غاية المنى أن يوارى جسدي في هذه البقاع الطاهرة .
في يوم الحادي عشر من ذي الحجة فوجيء الكثير من الطائفين بدماء تسيل تحت أقدامهم و جثمان اضطر بعضهم , لوطئه حتى تناثرت بعض أشلائه , جراء الزحام الشديد ,
لم يعرف الجثمان أهو لرجل ام امرأة لكن خطر على بالي أنه لذلك الحاج العجوز !.